2015/08/09

الدراسات التسويقية, السلاح الخفي (قصص واقعية)

كثيراً ما تتنافس الشركات بشراسة داخل مضمار الصناعة أو التجارة أو البرمجة أو التسويق ... إلخ من أجل بقاء المنتج أو الشركة أو زيادة الأرباح أو على الأقل إثبات أنها القوة العليا في مجالها.

والذي لا يعرفه الكثيرون أن هناك سلاحاً خفياً قد يرجح كفة شركة على شركة أو منتج على منتج وهو: الخطط التسويقية.

أتيت لكم اليوم بمجموعة من القصص الواقعية درّست في أحد الدورات التدريبية للتسويق لتسليط الضوء على أهمية الخطط التسويقية وكيف أنها تكون سلاحاً خفياً ورادعاً في كثير من الأحيان.

القصة الأولى: شيبسي ولايز

كثير منّا يعرف شركة شيبسي المشهورة وربما يتذكر شركة لايز التي انتشرت في فترة من الفترات في السوق المصري وبدأت تسحب البساط من تحت أرجل شيبسي رويداً رويداً. قررت حينها شركة شيبسي بعد إجراء أحد الخطط التسويقية أن تقوم بإنزال مجموعة دعايا بعنوان (مصراوي علاطول) وانتشرت الدعايا في مصر كالنار في الهشيم .. هذه الدعايا البسيطة كانت سبباً كافياً لهزيمة لايز هزيمة ساحقة داخل مصر والتي لم تجد بداً بعد ذلك من شراء شركة شيبسي وسحب منتج لايز من السوق والإبقاء على دعايا (مصراوي علاطول). كيف هذا؟!

بهذه الدعايا أعطت شيبسي انطباعاً لكل الشعب ومحبيها أنها منتج وطني ويجب تشجعيه ضد المنتجات الأجنبية الدخيلة على البلاد وكانت تقصد لايز بالطبع. ولم تكتف شركة شيبسي بهذا وفقط بل قامت بتضييق الخناق على شركة لايز فلم تترك لها مكاناً تنتشر فيه إلا العاصمة وربما الأسكندرية ولم تستطع لايز أبداً إدخال عبوة واحدة داخل القرى والمحافظات الأخرى بسبب تضييق شيبسي الخناق على الموزعين والذي كان من شأنه حصر لايز داخل القاهرة وفقط وأدى ذلك إلى هزيمة هذا المنتج. ولهذا قررت شركة لايز المملوكة لشركة بيبسيكو في حد علمي شراء شركة شيبسي وسحب منتج لايز. وكانت هذه أول مرة يخسر لايز فيها معركة تسويقية داخل أحد البلاد الأجنبيه عنه.

القصة الثانية: علب العصير (التي تحتوي على شفاطات)

عندما قامت شركات العصير بإنزال هذا المنتج إلى الأسواق فقد اكتسح السوق تماماً وهنا أتكلم عن المصرية وهذا لأكثر من سبب:
1) المنتج فكرته كانت جديدة وجذابة وسهلة
2) استطاع هذا المنتج أن يأخذ قطاع كبير من السوق من شركات المياه الغازية

ورغم هذا الاكتساح لاحظت هذه الشركات أن المنتج يخسر في المناطق القبلية خاصة الصعيد وكان هذا الأمر لافتاً للانتباه. قامت هذه الشركات بعمل دراسة تسويقية لمعرفة السبب وفوجئوا به لتفاهته! وجدوا بعد الاستقصاء والبحث أن الرجل الصعيدي يخجل من أن يشرب العصير عن طريق الشفاط! فقررت هذه الشركات فوراً بإنزال منتج أخر في زجاجات صغيرة حتى تتفادى هذا المأزق. وبعد هذا التغيير الناتج عن الدراسة. استطاعت هذه الشركات أن تستعيد سطوتها في الوجه القبلي.

القصة الثالثة: سيارات الفولفو الشهيرة

عندما أُنتجت هذه السيارة اكتسحت الأسواق الأمريكية والأوروبية وشرق أسيا بجدارة فائقة وقد كانت دعاياها التسويقية تعتمد على شعار السيارة "أأمن سيارة في العالم". بعد ذلك قررت شركة السيارة أن تطرحها في أسواق أمريكا اللاتينية بنفس الشعار وخسرت خسائر فادحة! قررت الشركة عمل دراسة تسويقية لسوق أمريكا اللاتينية فوجدوا أن المواطن في الدول النامية لا يحتاج إلى "أأمن سيارة في العالم" بل يحتاج إلى السيارة التي تعيش معه ويستطيع أن يتوارثها جيل بعد جيل. فقررت النزول بحملة تسويقية في تلك البلاد بشعار "السيارة الأكثر دواما في العالم The most durable car in the
world" وبفضل هذه الدراسة وهذه الخطوة اكتسحت السيارة الأسواق اللاتينية بجدارة.


القصة الرابعة: بريل وفيروز ضد بيبسي وكوكاكولا

تمتلك شركات المياه الغازية خاصة بيبسي أكبر قطاع في السوق للمياه الغازية ومن المعروف أن شركة بيبسي لا تخسر ولكن قد تقل أرباحها. وتمتلك أيضاً شركات العصير قطاع كبير في السوق كجهينة وإنجوي وغيرها ولكن إذا ما قارنت قطاع العصائر بالمياه الغازية ستجد بوناً شاسعاً بينهما. وإذا نظرت داخل قطاع المياه الغازية نفسها ستجد أنها طبقات بيبسي وكوكاكولا في المقدمة ثم يأتي بعدها أي شيء أخر مثل ميريندا وسفن أب وغيرها. فستجد أن الإكتساح الكامل في صالح بيبسي في مختلف القطاعات.

كان من الصعب أن تقوم شركة أخرى بطرح منتج أخر مشابه في أي من القطاعين سواء قطاع المياه الغازية أو قطاع العصائر لأن النتيجة معروفة وهي منافسة منتج عملاق مثل بيبسي. قامت شركة الأهرام (أظن أنها المالكة لمنتجي بريل وفيروز) بعمل دراسة تسويقية لوضع خطوات لكيفية نزول المنتج. ووصلوا إلى حل جهنمي جعلهم يقتطعون جزءاً من السوق وإنشاء قطاع أخر تماماً في السوق المحلية ألا وهو: عرض الدعايا على طريقتين .. الأولى مناشدة الغرائز في الدعايا المشهورة لهم وتجد شخصاً يجلس على بار وتأتيه إمرأة لأنه يشرب بيريل (طبعاً مع قناعتي بسفالة هذه الدعايا) والثانية الدعايا المشهورة التي نشرت مصطلح التطور الطبيعي للحاجة الساقعة! استطاعت بيريل وفيروز أن تخلق لها قطاعاً مختلفاً في السوق حتى وإن لم يكن كبيراً والدليل: عندما تذهب إلى مكان لبيع المياه الغازية أو العصائر .. ومعك صديق .. تسأله: هل تريد أن تشرب بيبسي أم ميريندا؟ مثلاً ... ولكن لا يمكنك أن تقول تشرب بيبسي ولا بيريل لأنهما منتجان مختلفان تماماً وإذا اخترت بيريل فسيكون اختيارك عمداً .. وليس مثلاً لعدم تواجد بيبسي فتأخذ ميريندا بدلاً منه!

القصة الخامسة: الطعم الجديد لكوكاكولا

قامت شركة كوكاكولا العملاقة باختراع طعم جديد لمنتجها المشهور الذي تعود عليه الملايين وقامت بطرحه في الأسواق دون دراسة ولا خطة تسويقية تحت عنوان New Coke ورغم تحذيرات الكثيرين من هذه الخطوة لم تسمع كوكاكولا لهذه التحذيرات وقامت بهذه الخطوة مباشرة. بعد طرح المنتج وبعد أقل من عدة شهور بدأت مبيعات كوكاكولا في انخفاض حاد مما أدى إلى انزعاج الشركة التي قامت على الفور بعمل دراسة تسويقية للوضع الحالي واستخلصوا منها أن المستهلك يرفض رفضاً تاماً تغيير طعم كوكاكولا الذي تربى عليه منذ صغره. وجدوا أن المستهلك يعتبر طعم كوكاكولا طعماً مقدساً لا يجب المساس به!

قررت الشركة أن تسحب المنتج الجديد من الأسواق وتقوم بإنزال المنتج الجديد إلا أن التحذيرات هذه المرة أوقفتهم لأنهم لو كانوا فعلوا هذا لكانوا خسروا خسارة فادحة بالإضافة إلى خسارة مصداقيتهم عند المستهلك. فاقترح عليهم خبراء التسويق بإنزال منتج جديد اسمه Classic Coke وهو هو نفس المنتج الأصلي لكوكاكولا وبنفس الطعم القديم جنباً إلى جنب مع منتج New Coke ونجحت الخطة وبدأت مبيعات كوكاكولا في الارتفاع مرة أخرى وربما تكون أكثر مرة خسرت فيها كوكاكولا خسارة كبيرة.

أكتفي بهذا الكم القليل الآن .. وهناك قصص أخرى .. ولكنني أحببت أن ألقي الضوء على مدى أهمية الدراسات والخطط التسويقية وكيف أنها يمكنها أن تضعك في مقدمة السوق وبلا منازع وقد تجعلك تفوز على منافس بجدارة.

جزاكم الله خيراً
==========كاتب المقال: "سلفي وأفتخر"============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق